اخر تحديث | الأحد، ١٣ أغسطس ٢٠٢٣
مؤامرة ماسونية أم مجرد أوهام؟
طوال الأيام اللي فاتت حصل جدل كبير علي السوشيال ميديا حول حفلة مغني الراب الامريكي "ترافيس سكوت" اللي كان مقرر انها تقام في منطقة الاهرامات بتاريخ 28 / 7 يعني من يومين بالظبط واللي كان مقرر ان "ترافيس" هيطلق فيها البومه الجديد بعد غياب 5 سنين.
وسبب الجدل إن بعد ما تم الموافقة علي أقامة الحفلة وبعد اصدار التراخيص اللازمة ليها، بدأ يتفاعل الناس علي السوشيال ميديا ويقولوا إن الحفلة هي مؤامرة ماسونية علي مصر وان الحفلة هيتم فيها طقوس شيطانية حسب وصف الناس وفي ناس تانيه قالت ان "ترافيس" بينتمي للافروسنتريك.
طيب ايه الحكاية؟ وهل الكلام ده صحيح؟ وهل الموقف اللي اتاخد تجاه الحفلة كان صحيح ولا له تأثير سلبي؟
حقيقة "ترافيس سكوت"
الجدل ده خلانا نبحث ورا شخصية الفنان نفسه وعن حفلاته السابقة و بالبحث حول "ترافيس سكوت" لقينا ان "ترافيس" ملوش اي انتماء واضح للمركزية الأفريقية وشعاراتها وده اللي يخلينا نستبعد كونه جزء منها او داعم ليها لان ببساطة لو كان داعم للفكر ده كان ظهر في تصريح له او بأي موقف في أي حفلة له.
ولكن البحث ده خلانا نروح لأحدي حفلاته واللي حصل فيها عدد من الوفيات والاصابات بالاغماء والتصرفات الغريبة اللي ظهرت علي عدد قليل من الناس ولكن اللافت في الامر ان دي الحفلة الوحيدة له اللي حصل فيها مشاكل من النوع ده وناس كتير رجحت ان الحالات دي كان سببها سوء الادارة والتنظيم للحفلة واللي سمح بوجود تدافع وتعاطي مخد.رات وان دي الاسباب المباشرة للمشكلة اللي حصلت في الحفلة دي دونآ عن غيرها.
بس بعض الناس شافو ان الامر مش كدا وان سبب اللي حصل ده هو انتماء ترافيس سكوت للماسونية وان كل ده كان متخطط وكان ضمن عدد من الطقوس الشيطانية حسب وصفهم وان "ترافيس" بيشتغل بناءا علي توجيه تنظيم كبير له تاثير علي كل شئ في العالم وهو الماسونية وده سبب رفضهم للحفلة اللي شافوا إنها لازم تتلغي لأن هيتكرر فيها نفس اللي حصل في واحده من حفلاته.
ولكن هل الكلام ده صحيح فعلا؟
الماسونية بين الحقيقة والخيال
الحقيقة ان الكلام في الموضوع ده وخصوصا علي السوشيال ميديا في منطقتنا مليئ بالخرافات والتهويل و استخدام اسلوب طرح الأسألة الخيالية علي الجمهور وتركهم بدون اجابة.
الماسو..نية لو جينا نتكلم فيها بجد بعيدًا عن نظريات المؤامرة فالمذكور عنها تاريخيًا إنها كانت مجرد رابطة أخوية باطنية سرية يعني شبه حركة روحانية بيشتركوا فيها في بعض الأفكار لتفسير الكون والإله والماورائيات بشكل عام وفي أول ظهور لمحافلها واللي بالمناسبة كان في من المحافل دي في مصر قديمًا قبل الستينات كان المتعارف عليه ان من شروط الانضمام ليها ان يكون الشخص مؤمن بأحد الاديان.
ولكن فيما بعد مبقاش في كلام كتير معلن عن الحركة دي وحتي محافلها في المنطقة اتقفلت بشكل نهائي، يعني بمعني أصح اغلب اللي بيتكلم عن الموضوع في الوقت الحالي بيجمع بين مواضيع ملهاش علاقة ببعض وبيقولك ان الماسونية هيا اللي وراها وان الماسو..نية بتحكم العالم وبتتحكم في الحكومات والشعوب
والحقيقة الأمر ده بغض النظر عن إنه مفيش عليه أي دليل مادي ومفيش أي شئ حقيقي يثبت ان في جماعة بتحكم العالم ومخليه الحكومات والدول مجرد ديكور ولكنه هزلي جدًا لأن ببساطة العالم وبدلائل ماديه بيحكمه الدول وانظمتها والتكتلات والتحالفات السياسية والاقتصادية والكيان الاقوي فيهم هو اللي رؤيته او قراراته وتوابعها بتأثر في باقي الدول وفي منطقته والعالم.
فمش من العقل إننا نقول ان حفلة لفنان أجنبي بتقام علي ارض مصر هيا من تخطيط الماسونية اللي الناس بتدعي انهم بيحكمو العالم لان حتي لو ده صحيح فمعني ذلك ان الحفلة كانت هتتم ومكنش حد هيقدر يمنعها!
موقف النقابة "تضارب التصاريح والقرارات بشكل هزلي"
طبعًا بعد الجدل اللي حصل طلع نقيب الموسيقين "مصطفي كامل" واتكلم عن الموضوع واصدر كذه تصريح مضمونهم حسب الصحف المصرية ان هو والنقابه مكنوش يعرفو مين "ترافيس سكوت" أصلا بس لما لقاهم عاوزين تراخيص لحفلة قامت النقابة مدياهم التصاريح وبعد ما لقي في ناس رافضه وبتردد ان في أفعال وحشه وماسونية هتحصل في الحفلة قام بسحب التراخيص دي حفاظا علي التقاليد والثقافة المصرية.
ولكن بعد أيام تراجعت النقابه عن موقفها لانها في الاساس مبتحبش قطع الارزاق حسب ما وصفت وان سبب انتفاضها ضد الحفله كان عشان سمعو من السوشيال ميديا ان ممكن يحصل فيها افعال منافية للثقافة المصرية,ولكنهم مش ضد ان الحفلة تتعمل ولكن بتنظيم كويس وبضوابط تمنع حدوث اي احداث غريبة.
إصرار غريب
وبعد الكلام عن الغاء تراخيص الحفلة كان علي الجانب الاخر"ترافيس سكوت" وفريق العمل الخاص بيه كانو بيأكدو لحد وقت قريب علي ان الحفلة هتتعمل في ميعادها ! وصدر بعض التصريحات العنيدة عن اننا كا مصريين بنحارب نفسنا وان الحفلة هتتم في ميعادها وحتي بعد ما مر ايام وتم التاكيد علي عدم اقامة الحفلة صرح "ترافيس" انه هيعمل حفلته في مصر ولكن في وقت تاني في اصرار غريب.
تعليق شامل
ايا كان حقيقة "ترافيس" كأشخص وحقيقة اصراره ايه سببهم ولكن الحقيقة وسط الجدل اللي حصل ده كله لفت نظرنا حاجتين اول حاجه وهيا انتشار الكلام الوهمي وانجذاب عدد من الناس الي الحديث الغامض والحواديت المشوقه اللي كلها مبنيه علي كلام غير علمي وغير مادي وربطهم بين الكلام ده وبين ضرورة اخد قرارات ومواقف المفروض إنها بتتبني علي دلائل واقعية وحقيقية.
والحاجة التانية هي المواقف العجيبة لنقابة الموسيقيين اللي ظهرت في تصريحاتهم المختلفة وده يخلينا نطرح سؤال مهم ازاي دولة عريقة ثقافيآ وفنيآ وتاريخيآ بحجم بلدنا يكون المختصين فيها عن الموسيقي والفن غير ملمين بالفنانين العالميين وازاي بيستقو معلوماتهم من كلام عام علي السوشيال ميديا سواء كان غلط او صح، وازاي بردو بيتم اصدار. تصريحات لفنانين اجانب بدون البحث عنهم وتشكيل قرار واضح وثابت تجاههم وتجاه حفلاتهم!
وللاسف لما جت النقابة تحل الازمة دي قررت انها هتنشئ وحده كامله تتحري عن كل فنان اجنبي هيقيم حفلة في مصر! والحقيقة هنا بيطرح تساؤل أخر مادام الامر يستدعي أقامة وحدة كامله للبحث عن كل شخصية امال دور المسؤولين اللي كانو بيصدرو التصريحات نفسهم بيكون ايه غير الموافقة أو الرفض، وازاي كان بيتم الموافقة علي تصريحات الحفلات السابقة؟
المشكلة الحقيقية في الأمر مش في ان "ترافيس" ماسوني ولا شخص كويس ومش في اختلاف اراء الناس و ولا حتي في الالغاء نفسه انما في تخبط المواقف, لو كان الشخص اللي جي لينا ده غير مناسب لأي سبب يبقا ليه بنديله تصريح من الاساس؟ وبنرجع نلغي التصريح بعدين بنرجع نقول لا الحفلة تتعمل بس بضوابط وبعد كده بنرجع نلغي! الحقيقة اننا في عصر لا يمسح بكم التخبطات والهرجلة دي اطلاقآ وان كل كلمه وكل موقف محسوب ومرئي للجميع في الداخل والخارج وقبل ما اي مسؤول ياخد أي قرار أو يطلع اي تصريح لازم يكون دارسه كويس.
سبق زمان وتم اصدار تصاريح من جهات مختلفة لحفل الفنان الامريكي "كيفين هارت" وده اللي كان فعلا بيدعم افكار جماعة بتسعي الي سرقة تاريخ الدولة المصرية وعزل الشعب المصري عنه وهم "الافروسنتريك" واللي وجودهم عليه دلائل واضحه وصريحة ووقتها كنا احنا اول منصه اطلقت حملة ضد الحفل وسعينا لالغائها لان الضرر منها كان واضح وصريح ورغم سعادتنا وقتها بالغاءها وبموقف الشعب المشرف اللي غار علي تاريخه وبلده ولكن بردو تساءلنا عن اي سبب اصدار تصريح للشخص ده وازاي في الاساس عدي علي المسؤولين انهم يبحثو ويشوفو ان كان الشخص ده سليم فكريآ ام هيستغل زيارته للبلد لدعم فكر ضار بيها.
في النهاية
لابد من وقفة صارمة للمشهد العشوائي اللي حصل من قبل نقابة المهن الموسيقية والأهم إن ده كله نستنتج منه إن الوعي الجمعي لابد له من إعادة تصحيح وتشديد الرقابة بشكل اكبر على المعلومات المغلوطة اللي بتنتشر على السوشيال ميديا وبالتالي بتأدي لتغيير كبير في ادراك الناس.
سبق واتكلمنا عن مدى خطورة صناعة المحتوى الهادفة للربح حصرا وبتتغاضى النظر عن المعلومة السليمة وبتلجأ لنشر المعلومات الكاذبة سواء في التاريخ المصري او غيره وبيبقاله توابع كارثية بحق..يتبع!